الهلال الصفوي يداهمنا
حينما نبه كل من الملك الأردني الملك عبدالله والرئيس المصري حسني مبارك إلى خطورة التحرك الإيراني لإنشاء هلال شيعي يشطر الدول العربية السنية إلى شطرين ليتم بعد ذلك ابتلاع تلك الدول وتقاسمها بين النظامين المجوسيين الصفوي الإيراني والعلوي السوري ،ولكن ذلك التحذير جوبه باستنكار شيعي ،وباستخفاف سني ،ولم يلق خطوات عملية لمواجهته من الزعماء العرب والدول السنية . ذلك الخطر الصفوي القادم من إيران بلاد النيران بدأت ملامحه تتضح بعد التحرك السوري الإيراني العراقي لتشكيل حكومة عراقية معادية للسنة والشيعة العرب الغيورين على عروبتهم ودولهم.وقد لخص الكاتب العراقي داود البصري تلك المأساة في مقال كان عنوانه نصر إيراني حاسم في العراق قال فيه :
اذا شكلت الحكومة العراقية فلن يكون بمقدورها ان تحل مشكلات العراق لانها ستكون حكومة ضعيفة
كان واضحا منذ بداية التغيير الستراتيجي الكبير في العراق ومنطقة الخليج العربي مطلع الألفية الثالثة, بأن المنتصر والمستفيد الأكبر من كل جولات الدم التي تمت في المنطقة بأسلحة الرعب والصدمة والإبادة الجماعية لم تكن شعوب المنطقة ولا تلك التيارات الشعبية الواسعة فيها المتطلعة الى الحرية والتواصل والإنفتاح والسلام, بل كان المنتصر طرفا آخر تتناقض طروحاته وتصرفاته مع كل الأهداف سالفة الذكر, إنه النظام الإيراني القمعي الذي تميز بستراتجيته الخاصة المعتمدة على الصبر الطويل والشديد, وإقتناص الفرص من خلال الإستفادة الجمة والمطلقة من تحالفات الماضي السياسية والطائفية وتجييرها لأهداف مستقبلية, وبشكل أثبت جليا مدى القدرة الإيرانية التامة على المناورة وإدارة ملفات الصراع الإقليمي المحتدم, والتمكن الفاعل من إدارة اللعبة بإقتدار وحرفنة. لقد سقط العراق بكل إرثه الحضاري والقومي والسياسي في الشباك الإيرانية المنسوجة بصبر فارسي عجيب , وتمكن الإيرانيون من إجتياح آخر المعاقل العربية المشرقية التي يمكنها الحد من توسيع مجالهم الحيوي , وحولوا العراق لملحقية تافهة تابعة لحدائق الولي الإيراني الفقيه الذي يقرر أمرا بصيغة "كن.. فيكن "! لتتحول أوامره لملف مقدس واجب التنفيذ, لقد إستطاع الطائفيون وجنود الولي الفقيه السريون وأهل الولاء والإرتباط التاريخي من فرض منطقهم, وتنفيذ أجندة أسيادهم من خلال إستغلال الثغرات الخطيرة في توجهات الجموع الشعبية العراقية الهائلة من الأميين, والذين لا يمتلكون حصافة تقدر الموقف, بل تقودهم عواطفهم البدائية والبسيطة نحو نهايات كارثية , فتمكن النظام الإيراني من فرض أجندته في العراق والضغط على حلفائه الأقدمين "حزب الدعوة" والمحدثين "الصدريون" وسحب البساط من تحت أقدام القوة الوطنية المستقلة, والليبرالية, والحضارية هو بمثابة إنتصار ستراتيجي إيراني مجيد, وتكريم ومكافأة لا نظير لها للإرهابيين الذين روعوا الشارع العراقي بميليشياتهم وعصاباتهم الطائفية وبحموع القتلة, والمجرمين, والرعاع الذين ضمتهم صفوف ما يسمى "التيار الصدري" الفوضوي المتخلف, صاحب الرؤية الخرافية والمتخلفة الذين يقودهم شخص لا يمتلك الأهلية ولا المسؤولية ولا المقدرة, وإرتبط إسمه بأول جريمة دموية شنيعة جاءت مع مطلع الإحتلال الأميركي وهي جريمة مقتل السيد عبد المجيد الخوئي ومجموعة من مرافقيه في الحرم العلوي في النجف يوم التاسع من إبريل عام ,2003 وهي الجريمة التي سكت عنها القضاء العراقي بالكامل نتيجة للموازنات الطائفية المريضة, رغم أن القتيل والقاتل هما من طرف طائفي واحد ولكنه التخاذل والسفه والضعف الشديد في إدارة الدولة التي لا تمتلك من مواصفات الدولة الحضارية الحية القابلة للحياة أي شيء. لقد كوفيء المجرمون ببلاهة غريبة وسلموهم المناصب الوزارية بحيث حولوا الوزارات بتحلفهم المريع لحظائر! وأنتجوا أجيالا هائلة من الفاسدين واللصوص والقتلة الدمويين, وروعوا الشارع العراقي برؤاهم الميتافيزيقية المتخلفة , وحولوا مدن العراق لمزابل حية ومارسوا كل الجرائم التي أضطر نوري المالكي نفسه لتجريد حملته العسكرية في فبراير 2008 والمعروفة بحملة "صولة الفرسان" في البصرة ومدن الجنوب, والتي إستطاعت جزئيا تطهير المدينة من أدران أولئك وإعتقال رموز القتل والإرهاب الطائفي من أمثال زعيم عصابة "ثأر الله" و"بقية الله"! وبقية أتباع تلك التجمعات الخرافية المتخلفة , وهرب القائد العظيم "مقتدى الصدر" بعد طول تخفي عن الأنظار ليظهر "طالبا مطيعا" في مدينة قم الإيرانية, وتحت حماية ورعاية الحرس الثوري الإيراني وهو الذي صدع الدنيا بالحديث عن الحوزة الناطقة وعن ضرورة إبراز المرجعية الوطنية فإذا به يتحول لذيل وذنب من أذناب نظام الولي الإيراني الفقيه, وليتحول جيش المهدي الإرهابي لتشكيلة أخرى من تشكيلات الإرهاب المتجدد وهو تنظيم "عصائب أهل الحق" الممول بالكامل من حرس الثورة الإيراني, ثم جاءت الطامة الكبرى بعد الإنتخابات البرلمانية الأخيرة والتي جرت يوم السابع من مارس الماضي عام 2010 والتي توقعنا منذ البداية بأن نتائجها ستكون وخيمة وهو فعلا ما حصل إذ دخل العراق في أزمة فراغ سياسي كبيرة جدا إستمرت سبعة اشهر من دون القدرة على حسم الطرف الذي بإمكانه تشكيل الحكومة, والتي إن شكلت فلن يكون بإستطاعتها حل مشكلات العراق لكونها حكومة ترقيعية وشكلية, ومظهرية فقط تمارس تحت أغطيتها كل عمليات السلب والنهب والسمسرة وتدمير العراق, فالفاشلون لا يقدمون شيئا, والأحزاب السائدة في العراق هي في النهاية تجمعات عصابية وطائفية فاشلة لاقيمة حقيقية لها أبدا ولا مقدرة لها على حسم النزاعات أوإدارة الملفات الوطنية المتراكمة , فمثلا دب الإنشقاق في أهم المكونات المعروفة وهو تنظيم "المجلس الأعلى" بقيادة السيد عمار الحكيم وحيث إندلع صراع شرس في النجف بين إمام جمعتها صدر الدين القبانجي وعائلته وهو من رموز المجلس وبين محافظها السيد عدنان الزرفي على خلفية قيام قوات ألأمن بملاحقة مقربين من القبانجي لكونهم يقفون خلف تنظيم عصابي يمارس القتل بذريعة التحلص من البعثيين دون اللجوء للقضاء فيما يرد القبانجي على الزرفي "وهو أحد قيادات المجلس أيضا" بكونه من البعثيين, من وفي الوقت الذي يتزايد فيه الصراع على هوية وإسم رئيس الحكومة العراقية المقبلة يلتف بعض المجلسيين ومنهم زعيم عصابة "بدر" هادي العامري حول غريمهم السابق نوري المالكي ويتمردون على خيار المجلس بترشيح عادل عبد المهدي يناوئون بشكل واضح إرادة السيد عمار الحكيم الحائر اليوم في المعمعة العراقية كحيرة جده الإمام "الحسن بن علي بن أبي طالب" عليه السلام أمام أهل العراق وهو يقاوم المد الأموي الذي إجتاح حصونه من الداخل وتركه وحيدا لا ناصر ولا معين, ففي الشقاق والنفاق في العراق التاريخ يعيد نفسه بصورة درامية زاعقة قريبة من المأساة الإغريقية المعروفة, بتحالف الصدريين والدعويين وإطلاق سراح القتلة والمجرمين كثمن لولادة الحكومة العراقية المعينة من طهران فإن العراق والخليج العربي, والشرق الأوسط عموما أمام مرحلة مظلمة مقبلة ستكون الفوضى فيها سيدة الموقف, وهو الهدف المطلوب إيرانيا وأميركيا أيضا ...وعيش وشوف.
هذا مقال يشرح الحقيقة المؤلمة التي بدأنا نعيش فصولها الجديدة القديمة ، فرحمناك ياربنا لقد أضعنا أنفسنا وديننا فسلطت علينا من لايخافك ولايرحمنا . وإذا كان هناك من أمنية أتمناها فهي أن يقطعوا رأس رئيس دولتي قبل أن يقطعوا رأسي لأنه هو من السبب في ضياعي ولم يعمل مايجب لحمايتي وحماية ديني وعرضي .
المرسل :سليمان عيسى