مفكر شيعي يكشف المكر الصفوي
المفكر الشيعي العراقي موسى الحسيني من المفكرين الأذكياء ومن الناقدين نقداً موضوعياً نادراً ،وكشيعة عراقيين فقد تعلمنا منه الكثير. وكمثال على تميزه تحليله للشائعات التي تطلقها اجهزة المخابرات الإيرانية المنتشرة بيننا كشيعة في العراق لإذكاء الفتنة بين الشيعة والسنة،ومنها قوله : "انتشرت خلال الأسبوع الماضي إشاعة مفادها أن مسلحين ملثمين أقاموا حاجزا للتفتيش على طريق الحلة - بغداد ، وتحديدا بالقرب من ناحية اللطيفية (منطقة يغلب على أهلها الطابع السني)، وأنهم كانوا يحملون صورة الإمام علي ،وأنهم كانوا، يتعمدون إيقاف السيارات للاستفسار من الركاب واحدا واحدا عن هويته المذهبية ، ما إذا كان شيعيا أو سنيا ، فاذا قال إنه شيعي قتلوه ، وإذا قال سنيا ، يطلبون منه شتم الامام علي ، للتأكد." وبعد سرده لتلك الشائعة الإيرانية المختلقة بدأ يحللها فقال:
"في البدء هناك ملاحظتان على زمن ظهور هذه الشائعة والطريقة التي انتشرت بها :
الأولى: أنها انتشرت بسرعة ليس داخل العراق فقط ، بل في جميع انحاء العالم ، وفي اي مكان يتواجد به العراقيون. مما يُظهر أن هناك حملة منظمة لنشر هذه الاشاعة عبر جماعات منظمة ايضاً ومرتبطة بخط واحد وبتوجيهات مركزية.
ثانياً : انها ظهرت خلال فترة الهجوم على الفلوجة ، بالضبط بعد اتضاح الصورة عن حجم الجرائم التي مارستها قوات الاحتلال في المدينة واهلها. سنناقش دلالة هاتين الملاحظتين فيما بعد. بالمقابل فإن مقاتلي البيشمركة (وهم سنة) ، ومقاتلي قوات بدر التابعة للمجلس الاسلامي والتي شاركت قوات الاحتلال بالهجوم على الفلوجة تحت اسم الحرس الوطني ، رفعت عند دخولها الفلوجة صور السيد السيستاني ، والمرحوم السيد باقر الحكيم ، لخلق انطباع عند أهل الفلوجة أنهم يقاتلون بأمر من المرجعية الشيعية ، أو بالنيابة عن الشيعة.
أغرب ما في الأمر أن السيد عبد العزيز الحكيم (وهو من أكبر عملاء إيران في العراق)، في مقابلة أجرتها معه محطة العربية بتاريخ 22/11/2004 تحدث عن حادثة سب الإمام علي (ع) ليوحي أنها وقعت فعلاً ، وتلاقفها بعض المأجورين وبعض الجهلة ليكتب عنها في الانترنت وكانها فعلا واقعة أكيدة ، مع العلم لم نجد من يقول أنه تعرض لمثل هذا الحادث ،(فنشر الإيرانيون) ان كل الذين تعرضوا للحادثة قتلوا.
كما أن مبدأ التقية عند الشيعة يبيح للشيعة في مثل هذه الحالات ، شتم الامام علي (ع) على أساس حديث منسوب للامام علي ، يوصي به شيعته " أما السب فسبوني ، وأما البراءة فلا تتبرؤا مني " ، وهو القول الذي تشكل على أساسه مبدأ التقية أصلاً. أي أنه يبيح شتمه إذا كانت الشتيمة تحقق الخلاص من موت محقق. وتصبح الشتيمة هنا فرضا دينيا. ومن الأمور ذات الدلالة بهذه القصة هي رفع قطاع الطرق هؤلاء(المفترض أنهم سنة) لصورة الامام علي وطلب شتمه ، ما يجعلها في موضع الشك ، وكأن الامام علي مجرد رمز خاص بالشيعة بحيث يمكن ان يشتمه السني بسهولة ، مع أن المفارقة الغريبة ان من الاسهل على الشيعي شتمه كا قلنا بمثل هذه الحالات ، مما يجعل السني أكثر حراجة في أن يشتم صحابيا ، ابن عم رسول الله ، ورابع الخلفاء الراشدين ، زوج ابنة الرسول السيدة فاطمة الزهراء. فما لايعرفه بعض الجهلة ، الذين رفعوا الصورة (في حالة افتراض حصول الواقعة) ، هو أن قدسية الامام علي عند السنة لا تقل عما هي عند الشيعة ، الا بالدرجة والصفة ، فهو الصحابي الجليل ، الورع التقي عند السنة ، الذي كرم الله وجهه ولم يسجد لغير الله ، كما حصل لبعض الصحابة قبل ظهور الاسلام.
أما الشيعة فيعتقدون أنه إمام معصوم ، وان عصمته جاءت بامر من الله ، نقلها النبي (ص) في حجة الوداع في موقع يقال له غدير خم ، ولاينكر الكثير من علماء السنة هذه الخطبة لكنهم يفسرونها بطريقة مختلفة. فالسنة قد يختلفون مع الشيعة على بعض معتقداتهم ، الا ان هذا الخلاف ، لايشمل الامام علي (ع) ، عند اهل السنة ، بل شيعته. لذلك فان رفع صورة الامام علي وطلب شتمه ان كانت وقعت الواقعة فعلا ، فهي دلالة على أحد أمرين أن لا يكون حملة الصورة من المسلمين ، أي أنه لا يعرف أن السنّة يتحرجون من شتم الامام أكثر من الشيعة ،إذا أخذنا موضوع التقية بنظر الاعتبار. ولم يحصل في التاريخ أن سمعنا سنّيا فقيهاً أو رجلاً عادياً ليس فقط يتنزه عن الشتيمة ، بل هو يشعر بمواجهة ذكر الإمام بالخشوع والرهبة، باستثناء السنّة النواصب ، أي الذين يناصبون الامام علي وأهل بيته بالعداء ، وهم لا وجود لهم على أرض الواقع. واصطلاح النواصب هذا نتاج عملية التنافس او الاتهامات التي يطلقها بعض من رواد هذا المذهب او ذاك على الطرف الاخر ، فابتدع مصطلح النواصب ، بمواجهة مصطلح الرافضة ، الذي يطلقه بعض متطرفي السنة على الشيعة أي أنهم يرفضون الاقرار بشرعية خلافة الخلفاء الراشدين الثلاثة الاوائل ، لاعتقادهم ان النبي أوصى في غدير خم بتولي الامام علي من بعده .
كما يجب الأخذ بنظر الاعتبار أنه لم يتصاعد الخلاف بين السنة والشيعة في العراق إلى حد الخصام والاقتتال ، خلال القرن الماضي على الاقل ، ولم يصادف أن شيعيا قتل سنيا أو العكس بسبب انتمائه ، وتعايش أبناء الطائفتين بسلام وتعاون ، وتزاوج الابناء من كلا الطرفين دون أن يؤخذ بنظر الاعتبار الانتماء الطائفي للزوج الآخر ، باستثناء حادثة واحد حصلت عرضا في سامراء ، تمكن المرجع الشيعي الميرزا الشيرازي من استيعابها ومنع تطورها رغم ان القنصل البريطاني سافر الى سامراء عارضا على الميرزا الشيرازي استعداد بريطانيا العظمى للقصاص من قاتل ابنه ، الا أن الميرزا نهره معتبرا أن المشكلة هي بين أبناء دين واحد وبلد واحد ولا دخل للغرباء بها.
وعندما هاجم الإخوان الوهابيين بعض العشائر العراقية الشيعية في أطراف مدينة الناصرية عام 1924، قاد الشيخ مهدي الخالصي حركة الاحتجاج ضد هذا الهجوم ، وعقد مؤتمرا في كربلاء مطالبا حكومة الاحتلال ببناء الجيش العراقي القوي ليحمل مسؤولية الدفاع عن الحدود والحفاظ على أمن المواطن العراقي ، وتسليح العشائر العراقية كي تتولى الدفاع عن نفسها إلى حين اكتمال بناء الجيش القوي القادر على أداء مهماته، وقف كل ابناء السنة في بغداد وتكريت والموصل وسامراء مع الشيخ الخالصي وأرسلوا الوفود الى كربلاء ، استجابة لطلب الشيخ الخالصي وعرضوا استعدادهم للوقوف بجانب العشائر الشيعية ، لمنع تكرار الامر. هذا في حين انشقت بعض العشائر الشيعية الموالية للانكليز على مؤتمر كربلاء ، وعقدت مؤتمرا مضاداً في الحلة ، مطالبين ببقاء الاحتلال ، والعهدة لقواته بالمحافظة على الامن والدفاع عن الحدود العراقية.(يلاحظ أن القبائل الصحراوية المنضوية تحت شعار الإخوان لم يستهدفوا الشيعة فقط ، بل كانت هجماتهم على السنة أكثر في المناطق القريبة من مناطق نفوذهم وخاصة سكان الكويت السنة)
تعكس قصة الخلاف بين الشيخ ضاري والكولونيل البريطاني ليجمن نموذجا اخر من التلاحم الشيعي السني ، بمواجهة الاحتلال ، واستعداد العشائر السنية في السير تحت قيادة المرجعية الشيعية عندما تلتزم بالمصالح الوطنية العراقية ، وتقف في موقع القيادة الوطنية لجميع العراقيين. فعندما ارسل الميرزا محمد تقي الشيرازي مندوباً عنه يدعو عشائر الفلوجة والرمادي للانضمام لثوار ثورة العشرين كان الشيخ ضاري واحدا من ثلاثة شيوخ ممن استجابوا لفتوى الميرزا محمد تقي الشيرازي ، إضافة للشيخ خضير الحاج عاصي رئيس الجنابات ، والشيخ علوان الشلال شيخ البو محيي. وباشروا بمهاجمة القوات البريطانية في المنطقة ، مما اضطر الكولونيل "ليجمن" الاجتماع بشيوخ العشائر في المنطقة ، محاولا اللعب على أوتار الطائفية لتهدئة العشائر العربية في الفلوجة والرمادي ، فتصدى له الشيخ ضاري ليقول : " ليس في العراق شيعة وسنة بل فيه علماء أعلام نرجع اليهم في أمور ديننا. إن علماءنا حكومتنا وقد أمرنا القرآن باطاعة الله والرسول وأولي الأمر منا ، فإذا أعتديتم عليهم فإننا سننتصر لهم ونحاربكم بجانبهم ، والأوْلى أن تلبوا ما أرادوا"فتصاعد العداء بين الشيخ ضاري ولجمن الى حد اغتيال لجمن ، وفرار الشيخ ضاري ثم إلقاء القبض عليه وإلى آخر القصة المعروفة.
إن التلاحم السني – الشيعي في العراق ، لم يكن نتاج التعايش الطويل بين الطائفتين ، ووعي الناس بانعدام الفروق الكبيرة بين المذهين الى الحد الذي يستوجب القطيعة ، فقط ، بل يعود لحقيقة أن العشائر العربية الكبيرة موزعة بين الطائفتين ، كعشائر شمر والجبور والجنابات وزبيد والعبيد ، وحتى عشائر الدليم – عشائر الفلوجة والرمادي – موزعة بين المذهبين ، فعشيرة آل فتلة الشيعية التي تقيم بين الديوانية والنجف ، تنتسب بالاصل إلى عشائر الدليم السنية.
كما أن اتصال النجف الجغرافي بمحافظة الرمادي عن طريق الصحراء الغربية ، جعل منها مركزا تجاريا مهما للتسوق بالنسبة لعشائر الدليم ، الامر الذي خلق صلاتٍ من الود والتزاوج بين الطرفين ، فحاج نجم البقال ، احد قادة ثورة النجف ضد الاحتلال البريطاني عام 1918 ، هو رجل من وجهاء النجف ، دليمي الاصل. والجنابات ، وهم أكبر العشائر القاطنة في منطقتي اللطيفية واليوسفية ، وهي العشيرة المتهمة ظلما بالتعصب الطائفي منقسمة في ولائها بين التشيع والتسنن. ووقفت في مقدمة العشائر التي استجابت لدعوة الميرزا الشيرازي للانضمام الى جانب ثوار ثورة العشرين. لذلك لايمكن أن تتطرف أو تتورط بأي نشاطات طائفية يمكن أن تتصاعد إلى حد الاحتراب ، لأنها ستتعرض لاقتتال داخلي بين أبناءها ، ولا نعتقد أنها معنية أو مستفيدة من هكذا تصرفات.
إن التلاحم السني – الشيعي ، كما تشير الوقائع على الارض ، والتجارب التاريخية التي تطرقنا لها بسرعة ، عادة ما يتصاعد ويقوى في أوقات الازمات الوطنية خاصة وكما لاحظ ذلك عالم الاجتماع العراقي الدكتور علي الوردي. ودينيا أو مذهبيا لا يمكن أن يتجرأ أحد من السنّة على الإمام علي ، لا مجاملة لإخوانهم الشيعة بل لما للإمام من قدسية ومكانة عظيمة عندهم. فمن الفاعل إذاً ، ولماذا. .!؟
اتصل الكاتب ببعض المهتمين والمتابعين لتطورات الوضع في العراق ، فأكّدو جميعا أن هناك إشاعة بوقوع مثل هذا الأمر،(إشاعة قطع السنة لطريق الشيعة وقتلهم) ولكن لا أحد يستطيع أن يؤكدها أو ينفيها ، لكن مصادر الاشاعة وطبيعة مروجيها تشير إلى أن الفاعل هو واحد من الأطراف التالية :
1 ـ بعض الاحزاب المتأسلمة الشيعية التي تريد تحقيق ثلاثة أمور من إشاعة مثل هذه القصص أو ممارسة مثل هذه الافعال منها: ـ
أـ أنها أصبحت في موقف المحرج أمام اعضائها ، وعامة الناس ، وفقدت مصداقيتها الدينية – الاسلامية ، وهي تقف في موقف المتفرج بل الداعم لقوات الاحتلال التي كانت وإلى عهد قريب جدا تمثل "الشيطان الاكبر" ، وهي تدنس وتهدم المساجد في سامراء والفلوجة والرمادي ، بل وتقتل الجرحى والمصابين. ففعلت هذه الحركات فعلتها هذه لتبرر بذلك موقفها من جرائم القوات المحتلة ، ب ـ لتخلق انطباعا عاما عند الشيعة بحيث يبدو العدوان على الفلوجة وكأنه يحقق الامن للشيعة ، ويحافظ على سلامتهم.
ج ـ تلعب الاستعدادات للانتخابات لعبتها في عقول قيادات هذه الاحزاب الشيعية ، فهي تريد من الشيعة ان يلتصقوا بها ، ويدعمونها في الانتخابات ، للحصول على اكبر قدر ممكن من الامتيازات بمواجهة الفصائل الاخرى المتهافته على التعاون مع الاحتلال. والأمر ليس غريبأً أو بعيداً على التصديق ، فرغم ادّعاء هذه الأحزاب بالحميّة والحرص على مصالح الطائفة ، إلا أن موقفها من الانتفاضة الصدرية أظهر حقيقة أن هذه الحركات تعمل بأجندة خاصة بها وحدها وبما يحقق طموحات ونزعات قياداتها الشرهة في الالتصاق بالأمور الدنيوية ، والتشدد الطائفي ليس الا جزء من بضاعتها ، ومصادر رزقها ووسيلتها لتحقيق نزعات الذات المريضة ، وأن دماء الشيعة وممتلكاتهم أرخص عندهم من مقعد وزاري في وزارة لا تمتلك أية شرعية وطنية ، نصبها من كان بالامس الشيطان الاكبر.
2 ـ ما اأطلق عليها مسمى الحكومة المؤقتة وبالتعاون مع المخابرات الاميركية ، خاصة وأن نكروبونتي من المختصين بمقاومة الثورة وحركات التحرر ، وتاريخ خدمته في أميركا اللاتينية معروف للجميع. فقامت بمثل هذه الاعمال ، لتهدئة الجنوب الشيعي ، وامتصاص نقمته وهو يرى أبناء شعبه يقتلون بغير حق ، وتهدم منازلهم وتسبى نساؤهم واطفالهم. مثل هذه الممارسات الطائفية حينما تنسب للحركات السلفية كفيلة بأن تحول التعاطف مع الفلوجة إلى إقرار بصحة ممارسات قوات الاحتلال ، وقبوله(لأن سكان الفلوجة من السنة)
3ـ هنا أو هناك تشتم دائما رائحة الموساد ، فالدولة العبرية تربط دائما بين حماية أمنها القومي ، وبين تخريب العراق. وهي ومن يدعمها المستفيد الاول من تقسيم العراق ، الذي كان بالنسبة لها هدف معلن منذ بداية ثمانينات القرن السابق ، حيث طرح شارون بالاشتراك مع إيتان ، منذ ذلك الوقت ، خطة لتقسيم العراق والدول العربية الاخرى وأسماها "استراتيجية اسرائيل للثمانينات والتسعينات". كان شارون في وقتها ضابطا بالجيش أما بعد ذلك (زمن سيطرة عملاء إيران على الوضع على العراق ) فهو في موقع صاحب القرار القادر على توجيه أجهزة الدولة لتنفيذ خطته. وليس صعباً عليهم أن يستأجروا بضعة من المجرمين المعروضين للبيع في سوق أشباه الرجال الزاهرة في بغداد اليوم.
4 ـ التيار الشعوبي المندس بين أبناء الطائفتين ممن يعانون من حالة مرضية غير مبررة من الحقد على العرب. ويتذكر العراقيون المقيمون في لندن ما كان يردده بعضهم "سنجعل العرب في العراق بدون جنسية"، ولقد كشفت هذه التوجهات الشعوبية عن وجهها الحقيقي عند تصاعد حدة القتال بين قوات الاحتلال والشيعة في النجف ومدينة الصدر وغيرها من المدن الشيعية. اتضح بما لا يقبل الشك أن دين هؤلاء الشعوبيين ليس الإسلام ولا التشيع بل "دينهم أن يقتل العرب" ، وهم يتشوقون لاندلاع الفتنة الطائفية ، القاتل والمقتول فيها من العرب.
كل هذه الجماعات معنية بتشويه صورة المقاومة ، لكل منهم أسبابه. لكن لحظة تأمل منطقي واحدة ، كفيلة بأن يصل الانسان الى نتيجة براءة المقاومة من مثل هذه الافعال. فالمقاوم صاحب أو حامل تلك المثل والقيم النبيلة التي تدفعه إلى التضحية بنفسه وماله من أجل المصلحة الوطنية والأمن الوطني العراقي ، وحماية أبناء شعبه ووطنه من القتل والدمار المسلط عليه من قبل قوات الاحتلال ، لا تسمح له قيمه هذا أن يفعل مثل هذه الأفعال الإجرامية. ثم إن المقاومة في أي بلد وعلى مدار التاريخ تنطلق عادة بفعل وتخطيط نخبة صغيرة تأمل أن تتوسع مع الزمن ، وأن ينتشر الوعي بين أبناء شعبها بمخاطر الاحتلال ، فهي تطمح دائما بأن يفهم من تدافع عن حقوقهم ، وحريتهم واستقلال إرادتهم ، ما يعنيه الفعل المقاوم من حل فريد أوحد لنيل الحقوق الوطنية. ثم إن المقاومة ليست خاصة بطائفة دون أخرى .. إن حصة السماوة وحدها كان 5 شهداء سقطوا وهم يدافعون عن الفلوجة ، والناصرية سبعة ، كما وصلت بعض جثث الشهداء من أبناء المدن الشيعية الاخرى ممن قاتلوا بإيمان وبطولة عن مدينة العزة والكرام ولا أحد يستطيع أن يغفل مساهمة الصدرين التي كشفت أكذوبة ما يطلق من مصطلحات طائفية على مدن الثورة ، لتبرهن أن الانقسامات ليس بين الشيعة والسنة ، بل بين الشعب العراقي بمختلف مكوناته ، وقوات الاحتلال وعملائها المحليين ممن ينتسبون لطوائف مختلفة. حتى المقاومة السلمية تضم أطرافا مختلفة من الشيعة والسنة والاكراد والتركمان ، كما يتضح بجلاء من خلال البيان الذي وقعت عليه 47 حزبا وتنظيما تعلن مقاطعتها للانتخابات ، كان يضم أطرافا شيعية وأخرى سنية. كما أن قائمة المتهافتين على إرضاء السفير الاميركي تضم 56 جماعة من مختلف الأطياف المذهبية والدينية. وليس هناك من انقسامات طائفية تمنع هذا الطرف أو ذاك أن يصطف مع الاحتلال أو ضده. ولا ترفع الشعارات الطائفية إلا تنفيذاً لأوامر الأسياد أو لتحقيق أغراض تجارية. وعندما يعزز الدم الشيعي أرباحهم وامتيازاتهم ، لا مانع لديهم أن يقتلوا الشيعي على الهوية ، ويبكوا عليه كما ساهموا في قتله في النجف ومدينة الصدر ، إنهم ليسوا من شيعة علي بن أبي طالب ، وإن صرخوا وتنافخوا وتظاهروا بالتعصب للمذهب إلا أنهم في سيرتهم وسلوكهم من أتباع التشيع الصفوي كما وصفهم الدكتور علي شريعي ،تبت أياديهم الملطخة بدماء شعبنا شيعة وسنة ، لم يتركوا للنظام السابق من ذنب نتهمه به إلا اقترفوه ، فضاعت من أعمارنا 35 سنة استهلكناها في معارضته
المرسل : عبدالحسن علي
البلــــــد : العراق