أمير قطر نحن نحب سمو أمير قطر ،ونكن لسموه الاحترام على مواقفه المشكورة .ولكن هناك بعض التصريحات التي تحتاج من سموه الكريم إلى دقة في التعبير حتى يكون أداؤه متناسقاً .ومن تلك التصريحات ماذكره الأخ داوود البصري في مقالة قال فيها: ملفتة للنظر و بشكل دراماتيكي تلك الكلمة الارتجالية التي ألقاها سمو أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني و هو يتحدث في حفل تكريمي له ببلدية العاصمة الفرنسية باريس عن شؤون و شجون المنطقة باعتباره واحداً من زعمائها و قادتها, و أحد وجوه التغيير الداخلي والإقليمي في المنطقة , لقد كان يمكن لتلك الكلمة أن تكون بروتوكولية محضة تبدأ بالتمنيات و تنتهي بالأمنيات! , و لكنه حرص على ما يبدو على توصيل رسائل معينة إلى مختلف الأطراف المتشابكة في المنطقة, فهو من طرفه وكأحد قادة مجلس "التعاون" الخليجي الذي نشأ أصلا في 25 مايو عام 1981 على إيقاعات أعنف أزمة إقليمية طاحنة و هي الحرب العراقية - الإيرانية (1980 / 1988), أكد أن استقرار إيران هو من استقرار الإقليم الخليجي و العربي و الشرق أوسطي عموماً, و إن التوتر والفوضى في كل دول المنطقة هي ذات تأثيرات سلبية للغاية على الأمن الإقليمي, ولكنه وهو يستعرض مسيرة و تاريخ النزاعات الإقليمية توقف ليشيد بالديمقراطية الإيرانية و بارهاصاتها, كما قال, وهي التي قدمت خلال الثلاثين عاما المنصرمة أربعة رؤساء للجمهورية الإسلامية الإيرانية, بينما لم يتغير كما قال بعض الرؤساء العرب خلال هذه الفترة التاريخية نفسها!! , بالنسبة إلى الديمقراطية الإيرانية فسمو الأمير الشيخ حمد يعلم جيدا انهم من طبعة واحدة و من تمرد منهم و غرد بألحان خارج السرب كان مصيره معلوما وهو ما حدث مع الرئيس الاول للجمهورية الإيرانية الدكتور أبو الحسن بني صدر, أحد كبار المناضلين ضد نظام الشاه الراحل و حيث وجد نفسه متهما بالخيانة العظمى, و بأن رأسه بات مطلوبا فهرب في ليل بهيم عام 1981 ليقيم حيث ألقى الشيخ كلمته تلك في باريس, أما الرئيس الثاني وهو محمد علي رجائي فقد أطاحت به في صيف عام 1981 القنبلة المشهورة التي زرعت في مكتبه ليذهب معه رئيس وزرائه آنذاك السيد محمد جواد باهنر! أما الرئيس الثالث وهو المرشد و الولي الفقيه الحالي السيد علي خامنئي فقد استمر في الرئاسة حتى رفعته مناورات الداهية هاشمي رفسنجاني لمنصب الولاية الفقهية المطلقة بعد رحيل مؤسس الدولة الإسلامية آية الله الخميني عام 1989 و يكون رفسنجاني الرئيس الرابع للجمهورية , ثم جاء بعده السيد محمد علي خاتمي برؤيته الإصلاحية التجديدية التي استمرت من عام 1997 و حتى عام 2005 ليكون الرئيس الخامس , ليأتي النموذج المشابه للرئيس الثاني الصريع (رجائي) و هو محمود أحمدي نجاد المنحدر أساسا من مؤسسة الحرس الثوري ليكون الرئيس السادس الذي أدت عملية إعادة انتخابه لدورة رئاسية جديدة لما حصل من صراع في إيران!, إذن فإن من تبدل في إيران ستة رؤساء و ليس أربعة كما قال سمو أمير دولة قطر. و لكن السؤال هل تغير شيء في إيران فعلا ? و هل ثمة فوارق بين الرؤساء السابق ذكرهم باستثناء فترة الانفتاح الخاتمية التي وأدت اليوم و يواصلون اقتلاع كل آثارها و لو بالطرق الدموية ? وهل تغير خلال هذه الفترة الولي الفقيه الجامع للشرائط وهو الذي يمتلك السلطة الفعلية و يدير اللعبة السياسية بأدواته الدستورية و الحكومية المصممة على قياساته فقط لا غير? و ثمة سؤال ينتابني و لا أتردد في طرحه أبدا وهو : من كان يقصد سمو ألأمير بالرؤساء العرب الذين لا يتبدلون ? اتراه يقصد الرئيس السوري الراحل مثلا حافظ الأسد الذي وافته المنية وهو في سدة الرئاسة, أم خليفته الدكتور بشار الأسد الذي سيورثها قطعا بعد عمر طويل لولده و خليفته في قيادة الحزب و الثورة? أم تراه يقصد صاحب السمو ملك ملوك إفريقيا وإمام مسلميها و قائد الثورة في الجماهيرية العظمى المناضلة? أم آخرون يعرفهم ونعرفهم? بكل تأكيد إنني كمراقب استطيع التخمين من أن ما كان يقصده سمو أمير دولة قطر في كلامه الواضح و الصريح والمرتجل و على الهواء مباشرة هو الرئيس المصري حسني مبارك تحديدا الذي وصل إلى السلطة بعد اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات عام 1981 أي الفترة نفسها التي تحدث عنها سمو أمير دولة قطر بالتمام و الكمال, وهي الفترة الصعبة جدا في مسيرة شعوب ودول الإقليم ففيها تناسلت الجماعات الارهابية , وبها تكهربت العلاقات الإقليمية واشتدت سخونة الحرب الخليجية الأولى و التي رافقتها مأساة الاحتلال الإسرائيلي لبيروت التي كانت أول عاصمة عربية تسقط تحت الاحتلال قبل بغداد عام 1982 , ثم أعقبتها مأساة إحتلال الكويت وحيث تهشم النظام العربي و دخل العرب في عصر الفتنة الكبرى الجديدة التي لم تنته الكثير من فصولها بعد, من دون أن ننسى أو نتجاوز حقيقة أن قيادة الرئيس حسني مبارك العاقلة و المتوازنة و المعتمدة على إصلاح مصائب الماضي قد جعلت مصر التي كانت متوترة بأجواء الفتن السياسية و الطائفية ترسو نحو بر الأمان رغم الكثير من النواقص , ثم أن الرئيس مبارك هو ابن للمؤسسة العسكرية التي حكمت مصر منذ عام 1952 وهو فوق هذا و ذاك أحد صانعي نصر أكتوبر العظيم عام 1973 , و كما قال الملك الراحل فاروق الأول والاخير لمودعيه من الضباط وهو يهم لركوب "المحروسة" في رحلة الوداع الأخيرة فإن حكم مصر هو من أصعب الامور.لا أدري حقا لماذا قارن سمو الأمير القطري بين الديمقراطية الإيرانية الشكلية و بين بعض الرؤساء العرب ? و لكنني توقفت مليا عند تلك المقارنة التي لها مغزاها وذلك المغزى يكمن في بطن الشاعر كما يقولون. وهنا أتوقف عن الكلام المباح لأنني لاحظت "في الجو غيم".. و الله الساتر...! داود البصري
أمير قطر
نحن نحب سمو أمير قطر ،ونكن لسموه الاحترام على مواقفه المشكورة .ولكن هناك بعض التصريحات التي تحتاج من سموه الكريم إلى دقة في التعبير حتى يكون أداؤه متناسقاً .ومن تلك التصريحات ماذكره الأخ داوود البصري في مقالة قال فيها:
ملفتة للنظر و بشكل دراماتيكي تلك الكلمة الارتجالية التي ألقاها سمو أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني و هو يتحدث في حفل تكريمي له ببلدية العاصمة الفرنسية باريس عن شؤون و شجون المنطقة باعتباره واحداً من زعمائها و قادتها, و أحد وجوه التغيير الداخلي والإقليمي في المنطقة , لقد كان يمكن لتلك الكلمة أن تكون بروتوكولية محضة تبدأ بالتمنيات و تنتهي بالأمنيات! , و لكنه حرص على ما يبدو على توصيل رسائل معينة إلى مختلف الأطراف المتشابكة في المنطقة, فهو من طرفه وكأحد قادة مجلس "التعاون" الخليجي الذي نشأ أصلا في 25 مايو عام 1981 على إيقاعات أعنف أزمة إقليمية طاحنة و هي الحرب العراقية - الإيرانية (1980 / 1988), أكد أن استقرار إيران هو من استقرار الإقليم الخليجي و العربي و الشرق أوسطي عموماً, و إن التوتر والفوضى في كل دول المنطقة هي ذات تأثيرات سلبية للغاية على الأمن الإقليمي, ولكنه وهو يستعرض مسيرة و تاريخ النزاعات الإقليمية توقف ليشيد بالديمقراطية الإيرانية و بارهاصاتها, كما قال, وهي التي قدمت خلال الثلاثين عاما المنصرمة أربعة رؤساء للجمهورية الإسلامية الإيرانية, بينما لم يتغير كما قال بعض الرؤساء العرب خلال هذه الفترة التاريخية نفسها!! , بالنسبة إلى الديمقراطية الإيرانية فسمو الأمير الشيخ حمد يعلم جيدا انهم من طبعة واحدة و من تمرد منهم و غرد بألحان خارج السرب كان مصيره معلوما وهو ما حدث مع الرئيس الاول للجمهورية الإيرانية الدكتور أبو الحسن بني صدر, أحد كبار المناضلين ضد نظام الشاه الراحل و حيث وجد نفسه متهما بالخيانة العظمى, و بأن رأسه بات مطلوبا فهرب في ليل بهيم عام 1981 ليقيم حيث ألقى الشيخ كلمته تلك في باريس, أما الرئيس الثاني وهو محمد علي رجائي فقد أطاحت به في صيف عام 1981 القنبلة المشهورة التي زرعت في مكتبه ليذهب معه رئيس وزرائه آنذاك السيد محمد جواد باهنر! أما الرئيس الثالث وهو المرشد و الولي الفقيه الحالي السيد علي خامنئي فقد استمر في الرئاسة حتى رفعته مناورات الداهية هاشمي رفسنجاني لمنصب الولاية الفقهية المطلقة بعد رحيل مؤسس الدولة الإسلامية آية الله الخميني عام 1989 و يكون رفسنجاني الرئيس الرابع للجمهورية , ثم جاء بعده السيد محمد علي خاتمي برؤيته الإصلاحية التجديدية التي استمرت من عام 1997 و حتى عام 2005 ليكون الرئيس الخامس , ليأتي النموذج المشابه للرئيس الثاني الصريع (رجائي) و هو محمود أحمدي نجاد المنحدر أساسا من مؤسسة الحرس الثوري ليكون الرئيس السادس الذي أدت عملية إعادة انتخابه لدورة رئاسية جديدة لما حصل من صراع في إيران!, إذن فإن من تبدل في إيران ستة رؤساء و ليس أربعة كما قال سمو أمير دولة قطر. و لكن السؤال هل تغير شيء في إيران فعلا ? و هل ثمة فوارق بين الرؤساء السابق ذكرهم باستثناء فترة الانفتاح الخاتمية التي وأدت اليوم و يواصلون اقتلاع كل آثارها و لو بالطرق الدموية ? وهل تغير خلال هذه الفترة الولي الفقيه الجامع للشرائط وهو الذي يمتلك السلطة الفعلية و يدير اللعبة السياسية بأدواته الدستورية و الحكومية المصممة على قياساته فقط لا غير? و ثمة سؤال ينتابني و لا أتردد في طرحه أبدا وهو : من كان يقصد سمو ألأمير بالرؤساء العرب الذين لا يتبدلون ? اتراه يقصد الرئيس السوري الراحل مثلا حافظ الأسد الذي وافته المنية وهو في سدة الرئاسة, أم خليفته الدكتور بشار الأسد الذي سيورثها قطعا بعد عمر طويل لولده و خليفته في قيادة الحزب و الثورة? أم تراه يقصد صاحب السمو ملك ملوك إفريقيا وإمام مسلميها و قائد الثورة في الجماهيرية العظمى المناضلة? أم آخرون يعرفهم ونعرفهم? بكل تأكيد إنني كمراقب استطيع التخمين من أن ما كان يقصده سمو أمير دولة قطر في كلامه الواضح و الصريح والمرتجل و على الهواء مباشرة هو الرئيس المصري حسني مبارك تحديدا الذي وصل إلى السلطة بعد اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات عام 1981 أي الفترة نفسها التي تحدث عنها سمو أمير دولة قطر بالتمام و الكمال, وهي الفترة الصعبة جدا في مسيرة شعوب ودول الإقليم ففيها تناسلت الجماعات الارهابية , وبها تكهربت العلاقات الإقليمية واشتدت سخونة الحرب الخليجية الأولى و التي رافقتها مأساة الاحتلال الإسرائيلي لبيروت التي كانت أول عاصمة عربية تسقط تحت الاحتلال قبل بغداد عام 1982 , ثم أعقبتها مأساة إحتلال الكويت وحيث تهشم النظام العربي و دخل العرب في عصر الفتنة الكبرى الجديدة التي لم تنته الكثير من فصولها بعد, من دون أن ننسى أو نتجاوز حقيقة أن قيادة الرئيس حسني مبارك العاقلة و المتوازنة و المعتمدة على إصلاح مصائب الماضي قد جعلت مصر التي كانت متوترة بأجواء الفتن السياسية و الطائفية ترسو نحو بر الأمان رغم الكثير من النواقص , ثم أن الرئيس مبارك هو ابن للمؤسسة العسكرية التي حكمت مصر منذ عام 1952 وهو فوق هذا و ذاك أحد صانعي نصر أكتوبر العظيم عام 1973 , و كما قال الملك الراحل فاروق الأول والاخير لمودعيه من الضباط وهو يهم لركوب "المحروسة" في رحلة الوداع الأخيرة فإن حكم مصر هو من أصعب الامور.لا أدري حقا لماذا قارن سمو الأمير القطري بين الديمقراطية الإيرانية الشكلية و بين بعض الرؤساء العرب ? و لكنني توقفت مليا عند تلك المقارنة التي لها مغزاها وذلك المغزى يكمن في بطن الشاعر كما يقولون. وهنا أتوقف عن الكلام المباح لأنني لاحظت "في الجو غيم".. و الله الساتر...!
داود البصري