تجربته الفكرية مثيرة وشائكة وفيها مجازفات شتى، فقد عاش المفكر والكاتب العراقي أحمد الكاتب جل حياته في كربلاء، ودرس في الحوزات العلمية بها، وارتدى زي رجال الدين، وكان أحد المبشرين والدعاة للفكر الإمامي الاثنى عشري ليس في العراق فحسب وإنما ذهب الى السودان وقام بتشييع عدد لا بأس به من السودانيين وشكل منهم مجموعة كانت تأتمر بأوامره وتعمل من أجل تنفيذ مخططاته بل واستقدم مجموعة منهم للدراسة في الحوزه العلمية في طهران.ثم انتقل أحمد الكاتب الى الكويت عام 1973 وعمل مدرساً في مدرسة الرسول الأعظم، وظل بها حتى قيام الثورة الإيرانية عام 1979 فركب أول طائرة متوجهة إلى طهران، وهناك راح يؤيد الثورة ويدعو لها ويعمل على انتقالها الى العراق، من خلال عمله كرئيس لتحرير القسم العربي في الإذاعة الإيرانية، وأستاذ اللغة والاصول في حوزة القائم في طهران. كان أحمد الكاتب – واسمه الأصلي عبدالرسول عبدالزهراء عبدالأمير واضطر إلى تغييره تخفياً من صدام الذي حكم عليه بالإعدام
وكان الكاتب أحد أهم المؤيدين لنظام ولاية الفقيه الذي أعلنه زعيم الثورة الإيرانية آية الله الخميني، وكان يعتبره ثورة على نظرية الإمامة التي تنتظر عودة الإمام الغائب لإقامة الدولة الاسلامية ونشر العدل والحرية، لكنه اكتشف بعد كل ذلك الحماس والجهد الذي بذله في خدمة الفكر الشيعي والثورة الإيرانية أنه مختلف عما كان يتخيله ‘خاصة بعدما فوجئ بالإمام الخميني يعلن: «أن ولايته شعبة من ولاية الله والرسول والأئمة المعصومين، وأن له الحق بتجاوز القانون، وبمخالفة أية اتفاقية شرعية يعقدها مع الشعب، إذا رأى بعد ذلك بأنها مخالفة لمصالح البلاد أو مخالفة للإسلام». فرأى الكاتب ان نظام ولاية الفقيه تحول إلى نظرية استبدادية فقرر القيام بدراسة اجتهادية دقيقة للموضوع وأثناء البحث ذهب إلى زيارة الإمام الرضا في مشهد خراسان، وهناك وقعت يده على نحو مائة موسوعة فقهية تغطي فترة الغيبة الكبرى للإمام أي ألف عام من تاريخ الفقة الجعفري الإمامي الاثنى عشري.
كان أحمد الكاتب قد كتب نحو 15 كتاباً حول أئمة أهل البيت والفكر الشيعي الإمامي، ولم يكن يساوره أدنى شك حول وجود أو عدم وجود الإمام الثاني عشر، بل كان يعتبره حقيقة لا يعتريها الشك وبدهية عاش عليها وانتظر قدومها في أية لحظة لكنه –حسب قوله- صدم عندما وجد مشايخ الفرقة الاثنى عشرية يصرحون ويلوحون بعدم وجود دليل علمي تأريخي لديهم على وجود وولادة ابن «الإمام الثاني عشر» للإمام الحسن العسكري «الإمام الحادي عشر» وأنهم مضطرون لافتراض وجود ولد له لكي ينقذوا نظرية «الإمامة الإلهية» من الانهيار.. ومضى أحمد الكاتب في دراسته ليصل إلى أن نظرية الإمامة الإلهية ماهي إلا من صنع المتكلمين ولا علاقة لها بأهل البيت، وأن نظرية أهل البيت السياسية ترتكز على مبدأ الشورى، في حين أن الإمامة الإلهية تقوم على تأويلات تعسفية للقرآن الكريم وعلى أحاديث مشكوك في صحتها، وأنها لا تمتلك أي سند تاريخي لأن أئمة أهل البيت كانوا يرفضون النص على تولية أحد من أبنائهم أو الوصية إليه بالإمامة.( أي أن أئمة آل البيت عليهم السلام لايختلفون في تصورهم للخلافة عن تصور أهل السنة)
وتصور أحمد الكاتب ان نتائج بحثه تعني زوال الخلافات التاريخية بين الشيعة والسنة فأرسل مسودة بحثه إلى نحو أربعمائة عالم ومفكر من علماء الشيعة وقياداتهم ووجه رسالة مفتوحة إلى الحوزة العلمية في قم يطلب عقد ندوة علمية لمناقشة هذا الموضوع لكنه لم يتلق رداً.بعدها انتقل الكاتب للإقامة في لندن، وطبع كتابه هناك عام 1997 تحت عنوان «تطور الفكر السياسي الشيعي من الشورى إلى ولاية الفقيه»، فصدرت عشرات بل مئات الكتب التي ترد عليه محاولة إثبات ولادة الإمام الثاني عشر «الإمام محمد الحسن العسكري» وكان منها رد كبار مراجع الشيعة كالسيستاني الذي أنشأ مركزاً للدراسات المتخصصة عن الإمامية وغيبة الإمام واندلعت معركة عنيفة على مواقع ومنتديات الانترنت، حاولت النيل شخصياً من الكاتب بنعته بألفاظ سيئة، كأن يقلبون اسمه من أحمد الكاتب إلى «أحمق الكاذب» لكن الكاتب مضى في طريقه وراح يدعو إلى ما توصل إليه من أفكار ثم أصدر كتاباً عام 2007 جمع فيه الردود التي وصلته على بحثه تحت عنوان «حوارات أحمد الكاتب مع العلماء والمراجع والمفكرين حول وجود الإمام الثاني عشر محمد بن الحسن العسكري».
ولأن المفكر العراقي أحمد الكاتب أصبح «ظاهرة» على صعيد الأوساط الثقافية الشيعية والسنية على حد سواء، فقد التقته «الوطن» حيث حضر إلى الكويت في زيارة سريعة لم يتم الإعلام عنها، لإلقاء عدة محاضرات بدعوة من حزب الأمة الكويتي، وحاورته حول فكره وأطروحاته وقضايا أخرى.
سؤال : بسبب اطروحاتك المثيرة أعتقد بأنه لا يمكن لجهة شيعية كويتية أن تدعوك إلى زيارة الكويت أليس كذلك؟ - أحمد الكاتب: لماذا؟ جئت إلى الكويت بدعوة شخصية من بعض الإخوة لإلقاء عدة محاضرات ولم أواجه بأية مصاعب أو مشاكل، فليس هناك تناقض أو اختلاف ما بين مشروعي وما يجري في الساحة الشيعية التي تتجه الآن نحو الديموقراطية أو الفكر الديموقراطي، وأعتقد بأن هناك تطوراً كبيراً في الفكر السياسي الشيعي الذي أصبح معاصراً ويدعو للوحدة مع الآخرين والتشارك معهم في الحياة، والاتفاق معهم على أسس سياسية مشتركة عادلة توفر الحرية والديموقراطية للجميع.
سؤال : أين هو هذا التوجه الديموقراطي؟ في لبنان، أم العراق أم باكستان؟
أحمد الكاتب- التعميم في كل الاتجاهين خاطئ، ففي العراق على سبيل المثال هناك اتفاق جماهيري بين السنة والشيعة على مشروع سياسي موحد هو المشروع الديموقراطي وكذلك تشارك الأحزاب الشيعية في لبنان في الحياة الديموقراطية وأيضاً يشارك الشيعة في الكويت إخوانهم السنة في العملية الديموقراطية والامر ذاته في باكستان وافغانستان هناك واقع جديد وتطور سياسي كبير بالنسبة للشيعة. فهم غير متقوقعين ، بالطبع هناك جماعات شيعية صغيرة تتقوقع على نفسها لكن التوجه الشيعي العام هو نحو الديموقراطية والعمل السياسي.
سؤال : العراق الذي ضربت المثل به في التوجه الديموقراطي يتجه بقوة نحو الطائفية بل إن كثيراً من المتابعين والمحللين يرون ان تجربة عراق ما بعد صدام قائمة على المحاصصة والهيمنة الشيعية؟ أحمد الكاتب : لا أعتقد ذلك، فالمحاصصة تعني المشاركة ولكل حزب أو جماعة حصته في البرلمان ففي بريطانيا مثلا فاز حزبان بالانتخابات وتقاسما السلطة.. كل حسب حصته في البرلمان فلا يعقل ان نعطي الليبراليين رئاسة الحكومة في حين أن المحافظين هم الذين حصلوا على عدد مقاعد أكثر.. وبالتالي فعندما تتحالف قوائم معينة كبيرة فمن حقها ان تشكل الحكومة، واذا فشلت فيؤول هذا الحق للقوائم الأخرى، فهذا طبيعي في الحياة الديموقراطية ولا يعني الطائفية أو التقوقع أو المحاصصة المذمومة.
سؤال : كيف ترى المشهد العراقي الآن بصورة عامة؟ أحمد الكاتب : هناك تطور جذري وتاريخي في العراق، فالقوى المختلفة والتي تمثل المجتمع العراقي اتفقت كلها على نظام ديموقراطي والمشاركة في الحياة السياسية بصورة سلمية وتبادل السلطة بشكل سلمي، وهذا تطور تاريخي يرد على عوامل الانحطاط التي ادت إلى سقوط الأمة الاسلامية، بالطبع هناك بعض السلبيات الجزئية التي تحيط بعملية ولادة النظام الديموقراطي الجديد والذي يعبر عن كل الشعب العراقي فالديموقراطية ولدت في العراق لكن هناك آلام ما بعد الولادة وأتوقع ان تنتهي هذه المشكلات قريباً، المهم أن العراق خرج من الفتنة الطائفية بالحل الديموقراطي، فالديموقراطية هي البديل للطائفية والديكتاتورية والدستور العراقي ليس طائفياً وهذا هو الأهم، العراق يتجه إلى الأفضل بل هو أفضل من كثير من النماذج المحيطة به حالياً ،لكن ملاحظتي الرئيسية ان بعض مخلفات الثقافة الطائفية ربما تساهم في الانتخابات أو عملية التكتل وهذا يجب أن ينتهي، ويتحد الجميع على برنامج سياسي عملي لا على برنامج تاريخي يقوم على انتماءات طائفية أو اعتقادية لابد ان ننظر إلى سلوك الاشخاص وأعمالهم وإنجازاتهم وليس إلى هوياتهم. فالهوية الطائفية في العراق هي أسماء تاريخية وهمية وليست حقائق في البرامج السياسية.مشروعي هو سؤال : قرأت عدداً من كتبك، ماذا لو سجلت الخطوط العريضة لمشروعك الفكري لمن لا يعرفك؟
أحمد الكاتب : مشروعي ببساطة يتلخص في نبذ الطائفية التي هي من مخلفات الصراع السياسي التاريخي القديم الذي اندلع بين العوائل التي كانت تتصارع على السلطة ما بين الأمويين والعباسيين والعلويين والحسنيين والحسينيين والموسوية والإسماعيلية فكلها عوائل كانت تدعي لنفسها الحق في السلطة وتحاول ان تحكم بصورة وراثية أو مستبدة وما إلى ذلك وهذا التاريخ انتهى منذ أكثر من الف سنة وبالتالي لسنا الان ملزمين بحمل الاسماء التاريخية القديمة، فنحن أبناء عصرنا وجيلنا، ونعيش في أوطان مشتركة تحتاج إلى أن نبنيها بالتوزيع العادل للثروات، وتوفير الحرية للجميع وإعطاء الفرصة للكل للمشاركة السياسية وتبوؤ أي منصب بدون تمييز طائفي، فهناك من يحاول استخدام الطائفية كسلاح لاقصاء الآخرين وتخريب العملية السياسية ومقاومة الديموقراطية أو المشروع الديموقراطي لكن إذا طبقنا الديموقراطية بشكل حقيقي وليس «شعاراتي» سوف تزول المشكلة الطائفية بشكل أتوماتيكي. سؤال : أنت تعلم أن المسلمين تفرقوا إلى جماعات وطوائف وفرق منذ صدر الاسلام فهل يمكن للمسلمين تجاوز هذا الإرث التاريخي الذي يمتد الى أكثر من ألف وأربعمائة سنة؟
أحمد الكاتب : وهل يجب أن نستمر ممزقين إلى يوم القيامة! لابد أن نتوقف يوما ونعيد بناء أنفسنا ونتحرر داخلياً كي نتوحد ونكون قوة لها مكانتها واحترامها على الخريطة السياسية الدولية. سؤال : هل ترى أن الشعوب الاسلامية مؤهلة لمثل هذه النقلة الحضارية الهائلة؟
احمد الكاتب : الشعوب الاسلامية مؤهلة بالطبع وتدعو الى ذلك الآن فهناك حركات سياسية في انحاء البلدان الاسلامية والعربية تسعى إلى التحرر من سلطة المستبدين والمحتلين الأجانب، كي تمسك القرار السياسي بيد الشعوب التي هي الآن مهمشة وغائبة ومقصية فشعوبنا تعمل وتناضل من اجل مزيد من الديموقراطية والعدالة.
سؤال : ألا ترى أن مشروعك يحلِّق في فضاءات مثالية بعيداً عن الواقع؟
أحمد الكاتب : لا أحب أن نكون سلبيين بهذه الطريقة فأنا لا أدعو الأمة الاسلامية إلى أن تهب للتغيير في يوم واحد ولكن في كل بلد إسلامي هناك حركات تحرر وهذا التوجه نحو التحرر حركة إنسانية في الاساس وفي ضمير كل بلد فلماذا نستثني العالم الاسلامي والعربي من هذه الحركة الطبيعية الانسانية الساعية نحو العدالة والحرية والمساواة؟!.
سؤال : تتحدث في كتبك ومقالاتك عن فكر سني وشيعي ميت: كيف نعيد الحياة إلى هذا الفكر؟
أحمد الكاتب : بل وأقول ان هذا الفكر ميت ووهمي أيضاً لأنه كله تاريخي وليس حقيقياً الآن. الآن لا يوجد سنة وشيعة فالبرامج السياسية التي كانت موجودة قبل أكثر من الف سنة، كانت مرتبطة بعوائل وأحزاب حقيقية أما الآن فلا يوجد عباسيون ولا أمويون ولا علويون ولا فاطميون، ولكن يوجد شعوب تحتاج إلى بناء. سؤال : لكن الفكر الديني والتجربة التاريخية مازالتا موجودتين وتتحكمان في غالبية شعوبنا الاسلامية؟
أحمد الكاتب : نعم الفكر موجود ولكن على الرفوف وفي عقول بعض الناس وأذهانهم، لكن على أرض الواقع لا يوجد هذا حتى في داخل إيران الشيعية «سابقا» حدثت ثورة طالبت بالعدالة والحرية وأقامت نظاما جمهوريا وكذلك من يسمون في العراق بالسنة و الشيعة اتحدوا من أجل اقامة نظام ديموقراطي أيضا في سائر البلدان العربية والاسلامية هناك حركات تطالب بتحسين أوضاعها وتوزيع الثروة بشكل عادل وإعطاء الحرية للجميع وفصل السلطات بالطبع هذه الحركات قد تكون ضعيفة ومكبوتة ومقهورة في بعض البلاد ومتطورة ومتقدمة نحو الامام اكثر لكنها كلها تسعى الى الديموقراطية والحرية.
سؤال : ماذا تقصد بإيران الشيعية سابقا: ما نعلمه أن إيران شيعية حتى النخاع ومحكومة بنظام ولاية الفقيه؟
أحمد الكاتب : نظرية ولاية الفقيه كانت خطوة نحو الامام لمواجهة الفكر السلبي الذي كان متفشياً بين قطاعات كبيرة من الشعب الإيراني قبل الثورة، والذي كان يتجسد في انتظار الامام الثاني عشر «الغائب» حتى يحررنا ويقيم الدولة الاسلامية، فجاء الإمام الخميني وطرح نظرية مهمة انه يجب ان نبادر ونعمل ولا ننتظر الامام الغائب انتظاراً سلبياً بل نعمل وننتظر وطرح «ولاية الفقيه» كحل لهذه المعضلة والحقيقة ان نظرية «ولاية الفقيه» كانت ثورة على الفكر الامامي الاثنى عشري، لأنها لا تشترط العصمة في رئيس الجمهورية ولا المرشد الأعلى ولا التعيين من الله ولا النص من الله، ولا تشترط أن يكون الحاكم من السلالة العلوية الحسينية، وهي أهم بنود ومبادئ الفكر الإمامي وإنما طرحت أن أي فقيه عادل يأتي ويحكم، ولكن بعد التجربة ثبت أن هذا النظام ايضا «ولاية الفقيه» مهد الطريق إلى قيام ديكتاتورية دينية، فبدأ أركان هذا النظام وقادته وآباؤه يعيدون النظر في نظرية ولاية الفقيه، كما فعل الشيخ منتظري ورفسنجاني ومراجع آخرون، وكلهم الان يعيدون النظر ويدعون الى التعددية ومزيد من الديموقراطية والحريات وبعضهم دعا الى تعديل نظرية المرشد الأعلى وولاية الفقيه والاكتفاء برئيس الجمهورية ومجلس النواب. ولذلك ولدت الحركة الاصلاحية التي تعبر عن ضمير الشعب الإيراني وتطالب بتطوير النظام ديموقراطيا اكثر فأكثر.وإذا كانت هذه الحركة قد فشلت اليوم في خطوة معينة فإنها ستنجح في خطوات قادمة لاشك في ذلك فهذه مسيرة شعب لا يقبل الاستبداد بأي شكل سواء أكان دينياً أم سياسياً. سؤال : هل تتوقع حدوث إصلاحات سياسية في إيران؟ أحمد الكاتب : بالتأكيد أنا كنت أتوقع قيام هذه الحركة الإصلاحية في إيران منذ 20 عاما لأن «ولاية الفقيه» مثلت مرحلة من تاريخ الشعب الإيراني والثورة الإيرانية ولابد أن تتطور وتتقدم الى الامام بتعزيز النظام الجمهوري وتقوية رئيس الجمهورية الذي هو الآن «نصف رئيس» وإعطاء السلطة كاملة لمجلس الشورى لكي يقنن القوانين ويعيد النظر في الدستور كما فعل منذ 20 عاماً فهناك مشكلة تشريعية في إيران نظرا لكثرة المجالس التي تنتقص سلطات بعضها، ففي إيران مجلس شورى ومجلس المحافظة على الدستور ومجلس تشخيص مصلحة النظام ومجالس أخرى، وهذه تعبر عن أزمة حقيقية في عملية التشريع، ولكن اذا اعطينا مجلس الشورى كامل الصلاحية وسمحنا لكل الاطياف السياسية بالتمثيل فيه ولا نحصره في المحافظين فقط ونمنع الاصلاحيين كما حدث في السنوات الأخيرة فهذا سيطور النظام داخلياً، وبصورة سلمية، وبدلاً من أن يلجأ الاصلاحيون الى الشارع أولا سمح الله الى العنف في المستقبل وهو ما قد يهدم النظام كله ستنحصر نشاطاتهم داخل مجلس الشورى.
سؤال : معظم أنظمة العالم السني ترى في إيران عامل توتر وتهديد لأمنها: كيف تكون هناك وحدة في ظل هذه الاوضاع؟ أحمد الكاتب : بعض الكلام مبالغ فيه ومضخم لكني أرى أن للديكتاتورية أربعة أوجه: شخصية وحزبية وطائفية وقومية. وهذه الديكتاتوريات كلها مرفوضة، ولابد أن نقيم علاقات متوازنة بين شعوب المنطقة كما حدث في أوروبا فلا تبتلع الدول الكبيرة الدول الصغيرة وتقيم علاقات ديموقراطية مع الجميع عندئذ سوف يرحب بإيران وتركيا وباكستان ومصر وبكل الدول أما عندما تحاول دولة أو طائفة أو حزب ان يسيطر على الآخرين بمسميات مختلفة فسوف يؤذي الآخرين ويخوفهم وينفرهم منه، ويؤدي الى ردود أفعال كاللجوء للأجانب لطلب الحماية من هذا الغول الذي يحاول ان يسيطر على المنطقة فالمشروع الإيراني يجب ان يكون اسلامياً ديموقراطيا بحيث يحترم كل الشعوب ولا يحاول الهيمنة على البلاد من حوله باسم فارس أو إيران أو الثورة الإسلامية، وسواء أكان المشروع إيرانياً أم تركيا فلابد أن يتعامل مع الآخرين كإخوة متساويين. فحتى المشروع التركي قد يثير المخاوف بعودة «العثمانية» إلى العالم العربي اما إذا كانت تركيا ديموقراطية في داخلها وأقامت علاقات ديموقراطية مع الشعوب العربية وامتزجت معها فأهلا وسهلا بإيران وتركيا.
سؤال : كيف ترى موقف إيران- الكائن وليس ما ينبغي أن يكون- من العالم العربي؟
أحمد الكاتب : الحقيقة ان السؤال هو: ما موقف العالم السني أو العربي من إيران؟ فعندما ثارت إيران وكانت ثورتها تحمل شعارات المحبة والاخوة للعالم العربي والدفاع عن القضايا العربية قام صدام بحرب ضروس ضد إيران وأدخلها في مأزق ودمر اقتصادها وقتل ابناءها الان على إيران والعالم العربي ان يتفاهموا ويتحاوروا بدون مبالغة في التخويف.
سؤال : كثيرون يتحدثون عن مشروع إيران لتشييع العالم السني من خلال ما يسمى بالهلال الشيعي؟
أحمد الكاتب : هذا الكلام فيه تضخيم سياسي كبير بهدف محاصرة إيران، فلا أجد أي داع للخوف من المشروع الشيعي لانه قديم وتاريخي وغير معاصر فالمشروع المعاصر هو المشروع الديموقراطي.الدول العربية المستبدة خصوصا في منطقتنا المتخلفة ديموقراطيا تخاف من التحديث الديموقراطي ومن شعوبها، قبل أن تخاف من إيران ومن المشروع الشيعي، وبالتالي تحاول تغطية استبدادها برفع شعارات زائفة عن التبشير الشيعي وغيره قل لي ماذا سيحدث لو تشيع عدد من الافراد أو تشيع شعب سني بكامله!! الشعب الإيراني ثار على الشاه الشيعي ولم ينظر اليه كشيعي أو سني وإنما كديكتاتور مستبد، وبالتالي فمشكلتنا الحقيقية هي الاستبداد والنظم الديكتاتورية وكفانا حديثا عن البعبع الايراني الذي يسعى الى تشييع المنطقة! ثم ماذا بعد!! وماذا يعني التشيع اساسا!! الشيعة في العراق آمنوا بالمشروع الديموقراطي وتخلوا عمليا عن المشروع الشيعي، وكذلك في ايران التي تخلت بالفعل عن الفكر الامامي، واخذت بالديموقراطية الى درجة كبيرة وان كانت هناك مساحات دينية في الحكم موروثة عن الفكر الشيعي.
سؤال : كيف ترى امكانية حدوث تقارب بين ايران ودول الخليج مثلا في ظل محاولة ايران النفاذ داخل هذه الدول من خلال شبكات استخباراتية وغيرها؟
أحمد الكاتب: في الخليج هناك نفوذ لمختلف الدول وهناك قواعد عسكرية وجيوش كبيرة، فلماذا لا نعتبر هذا النفوذ الاجنبي خطرا ونعتبر وجود بعض مجموعات الجواسيس الايرانيين مثلا تشكل خطرا اكبر علينا من الجميع. كل النفوذ الاجنبي في المنطقة مرفوض المهم ان تتحرر الشعوب وتمسك زمام امورها بنفسها. سؤال : فيما يتعلق بأطروحاتك التي ترفض فيها فكرة وجود الامام الثاني عشر والامامية ذاتها: الا ترى انك بذلك الطرح تهدم العقيدة الشيعية من اساسها؟
أحمد الكاتب : بداية انا لم الغ وجود الامام الثاني عشر لانه لم يوجد من الاساس فمنذ 1200 سنة ومنذ ان زعم وجوده لم يظهر ولم يبد اي اثر له ولذلك فان الشيعة الذين اعتقدوا بوجوده لأكثر من الف سنة فكروا بأنه لابد من ان ينتهوا من هذه الحكاية وان يبدأوا هم باختيار أئمتهم ولا ينتظروا اماما من السماء وانما عليهم ان يختاروا اي انسان آخر سواء اكان فقيها ام ملكا ام اميرا ام رئيسا وحتى المرجع الشيعي علي السيستاني في النجف دعم النظام الدستوري والانتخابات ويدعم النظام الديموقراطي فمن يسمون تاريخيا باسم الشيعة في العراق اصبحوا ديموقراطيين، فأنا لم اقم بإلغاء اي عقيدة لكنني سلطت الضوء على ما حدث تاريخيا مقارنة بما هو موجود في الواقع فحتى ايران لا يمكن تسميتها دولة شيعية امامية، ولكن يمكن القول انها تتبع الفقه الجعفري. سؤال : الرئيس الايراني لا يكف عن الحديث عن الامام الغائب الذي يحضر اليه في هالة من نور ليدعمه ويحميه فكيف تفسر هذا؟ أحمد الكاتب : ليتحدث احمدي نجاد كما يشاء ولكن أليس هو رئيسا منتخبا من الشعب الايراني! اذن فهو ديموقراطي ويلتزم بنظام ديموقراطي، وهناك برلمان يحاسبه وشعب ينتخبه وينتخب غيره. سؤال :هناك اكثر من 100 كتاب ترد عليك وتفند اطروحاتك ومنها كتاب للمرجع الشيعي علي السيستاني يقول فيه بان «الامام الغائب والامامية» غيب ينبغي الايمان به دون مناقشة؟ -أحمد الكاتب : كما قلت الفكر الامامي الاثني عشري كان نظرية سياسية في مواجهة الامويين والعباسيين، وكان ذلك في وجود ائمة حسينيين او علويين، والآن لا يوجد لدينا امام علوي او حسيني او ما شابه، ولا يوجد كذلك عباسيون او امويون او غيرهما فإذن نحن لا خيار امامنا الآن الا بالاستبداد والحكم العسكري وإما الحكم الديموقراطي.
سؤال : البعض يتحدث عن مشروع شيعي في مواجهة المشروع الوهابي مثلا؟
أحمد الكاتب : هذا مجرد توظيف للتاريخ في الصراع السياسي عند بعض الاشخاص، وليس كل الشيعة يتحدثون كذلك فمن يسمون بالشيعة والسنة يشتركون في برلمان واحد وحكومة واحدة والعراقيون الآن يخجلون من اطلاق هذه الاسماء (سنة وشيعة) على انفسهم لانها مضحكة وفارغة من المعنى الآن يوجد صراع في العراق داخل المجتمع الذي يسمى شيعيا، والثاني الذي يسمى سنيا، ولكن الناخب العراقي لا ينظر الى هوية المرشحين او هوية حكامه وانما يسعى الى مصلحته، الخوف الآن في العراق من عودة البعثيين الصداميين الذين كانوا يمارسون العنف والديكتاتورية. سؤال :هناك من يرى ان تشبث نوري المالكي برئاسة الوزارة هو عودة للديكتاتورية بصورة مختلفة؟
أحمد الكاتب : هذا حقه الديموقراطي الى ان تنفض عنه قائمته او تحالفاته او لا يستطيع ان يشكل الوزارة فيأتي دور القوائم الاخرى بشكل رسمي ، وحتى لا نلجأ الى العنف فهناك محاولات من «القاعدة» وغيرها ان يفرضوا خيارا لا يرضى عنه الشعب العراقي. سؤال : انت لديك كتاب في الفكر السلفي الوهابي: كيف تنظر الى هذا المشروع؟
أحمد الكاتب : هناك تطور في الفكر السياسي الوهابي، وهو يضم تيارات عدة ولا يمكن ان نضعهم كلهم في خانة واحدة فهناك «القاعدة» التي تستقي مبادئها من الفكر الوهابي، وثمة من يعارض ويحارب القاعدة من الوهابيين انفسهم، وهناك من يدعو الى الانخراط في الحياة السياسية العراقية واحتدام النظام الموجود في العراق - بغض النظر عن اية صفة له وآخرون يحاربون هذا النظام. واتحدث عن العراق تحديدا لان هناك فئة تحاول ان تفرض نفسها بالقوة ضمن ما يسمى بدولة العراق الاسلامية وهذه الفئة لا تفرض نفسها فحسب على الشيعة والاكراد ولكن على السنة وعلى المجاهدين الذين كانوا يجاهدون في صفوفهم، لذلك حدثت معارك وتصفيات لفرض هذا المشروع بقوة، حيث يقوم شخصان بمبايعة احد الاشخاص في سرداب من السراديب فيصبح اميرا ويفرض نفسه على الشعب العراقي.وهؤلاء قالوا صراحة ان الخيار الديموقراطي كفر والحاد ويعتبرونه ابتداعا في الدين، وليسوا وحدهم يقولون بذلك، فحزب التحرير السني وغيره يعتقدون ان الديموقراطية تتنافى مع الاسلام وان المسلمين يمتلكون نظاما سياسيا اصيلا يجب ان يتشبثوا ويفرضوا اي نظام آخر في حين اننا عندما نقرأ القرآن الكريم والسنة النبوية لا نجد تفاصيل لمشروع سياسي، وانما نرى «اخلاقا سياسية» كالعدل والحرية وبقية الامور متروكة للمسلمين لانها من المسائل الدنيوية والمدنية وليست من الامور الدينية فنحن عندما أضفينا صفة دينية على السياسة ونظم الحكم نظر البعض الى هذه الامور كجزء من عقيدتنا واذا جاء احد بخلاف ذلك يصبح خارجا عن الدين ومشركا وكافرا وللاسف هناك من يتشبث بهذه الرؤية المنغلقة الرافضة للتطور الديموقراطي الانساني، على الجانب السني.
سؤال : هل المشروع السلفي قابل «للدمقرطة» بمعنى القبول بقواعد اللعبة الديموقراطية دون التفكير في استغلالها ثم الانقضاض عليها؟
أحمد الكاتب : كشباب مثقفين سلفيين فأنا أعرف بعضهم ممن ولدوا ونشأوا في ظل هذا الفكر وتطوروا ديموقراطيا، حزب الامة السلفي في الكويت مثلا يؤمن بالديموقراطية وبالشورى وهو متطور جدا، ويؤمن بالحياة السياسية ويشارك في الانتخابات. سؤال :لكن هناك من يرى ان مشكلة الفكر السلفي الحقيقية تتجسد في ان رفضه للآخر يصل الى حد الالغاء فكيف يمكن الحديث عن قبوله للديموقراطية والتعددية؟
أحمد الكاتب : الاعمق من الديكتاتورية والاستبداد ان تفسق الناس وتكفرهم وتخرجهم من دائرة الحقوق الانسانية وتبيح قتلهم ومصادرة اموالهم فالاستبداد هو استبداد بالسلطة والحسب قد يدعي احيانا انه يسعى الى خدمة الناس ويحافظ على حياتهم واموالهم، اما التكفيريون فهم اسوأ كثيرا من المستبدين، لكن ليس كل الوهابيين تكفيريون، فالقاعدة مثلا يكفرون الناس ويعلنون الحرب على الشعوب والامم وعلى طوائف هؤلاء لا يمكن ان يكونوا ديموقراطيين لان عندهم انحطاط في المستوى الانساني وليس السياسي فحسب، وهو ابتعاد كامل عن الاسلام والقيم الاسلامية ومن هنا ينبغي الا نعمم الفكر القاعدي على كل التيار السلفي، لان هناك فئات في هذا الفكر ترفض تفجيرات القاعدة وارهابها. ديموقراطية الفتاوى.
سؤال : الم تقرأ الفتاوى التي تعتبر الديموقراطية كفرا والحادا وتجيز قتل حتى من يؤمن بجواز الاختلاط؟
أحمد الكاتب : معظمها فتاوى شخصية بدليل ان هناك فتاوى اخرى مضادة لمثل هذه الفتاوى تسمى الديموقراطية بالشورى وترى ان الاختلاط من السنة فالآراء الشخصية يتحمل قائلها مسؤوليتها سواء اكان سلفيا ام شيعيا فالتعميم خطأ في كل الاحوال.
سؤال : انت تتحدث عن فكر للمستقبل لكن الحقيقة ان العالمين العربي والاسلامي مازالا يعيشان في الماضي بكل ابعاده وافكاره؟ أحمد الكاتب : للاسف هذه حقيقة فالبعض منا مازال يعيش في الماضي وعلى التاريخ ويجترون ذكريات التاريخ وآلامه ويخترعون قصصا اسطورية ويبكون ويتألمون ويلطمون وجوههم على خرافات لا أساس لها.
سؤال : أعطني مثلا؟
أحمد الكاتب : الادعاء بان السيدة فاطمة الزهراء اجهضت وقتلت على يد عمر بن الخطاب.. فهذه قصة اسطورية مزعومة يروج لها البعض ويذرفون الدموع ويلطمون الوجوه ويزرعون الحقد في قلوبهم وقلوب الآخرين انطلاقا من اشياء وهمية يجب ان نتجاوز هذا الماضي المزعوم وان تخرج من اساطير التاريخ التي تروج لها بعض القنوات الفضائية فالتاريخ الحقيقي وليس الاسطوري للعبرة ولكن ينبغي الا نفجر مجتمعاتنا على قضايا تاريخية وان نسير باتجاه الوحدة والتحرير وبناء بلادنا والتخلص من وباء الامية الذي تعاني منه مجتمعاتنا وتشكل اكبر نسبة في العالم. سؤال : زرت الكويت في السبعينات والثمانيات حنيما كنت تدعو الى المذهب الشيعي وولاية الفقيه فكيف ترى ديموقراطية الكويت الآن وانت تدعو الى الديموقراطية؟
أحمد الكاتب : المشهد الكويتي الثقافي والسياسي مشهد متحرك وليس جامدا وهناك خطوات ديموقراطية كبيرة ومواصلة لمزيد من الديموقراطية وتعزيز هذا التوجه. والحقيقة ان حرية التعبير مكفولة فهناك 14 جريدة في الكويت وهو ما يعني ان مختلف الفئات والاحزاب تعبر عن نفسها وتحشد الناس حول مشاريعها المهم الابتعاد عن الطائفية والقبلية.
سؤال : أنت كنت من الدعاة الى الإمامية فكيف حدثت نقطة التحول الى الفكر الديموقراطي؟
أحمد الكاتب : نشأت وسط عائلة دينية في كربلاء وفي الحوزة العلمية وكنت اعتبر الثورة الايرانية تعبيرا لأحلامي وطموحاتي وافكارنا كحركة اسلامية، ورحت اراقب هذه التجربة الايرانية وادرسها وعندما طرح الامام الخميني نظرية الولاية المطلقة والواسعة التي اعتبرها فوق الدستور والشعب للفقيه بدأت اراجع هذه النظرية وأدرسها من جديد ثم قادتني دراسات متتالية الى منبع هذه الولاية المطلقة المدعاة باعتبار الامام او القائد او المرجع الاعلى يمثل الامام المهدي ونائبا عنه.فدرست موضوع الامام المهدي ووجدت ان علماء الشيعة السابقين يقولون نحن نفترض هذه المسألة افتراضا وليس لدينا ادلة قطعية على وجود الامام المهدي وولادته، ولكن لدينا نظرية هي نظرية الامامة التي تفترض ان الامامة سوف تستمر الى يوم القيامة من هذه السلالة، فإذا انقطعت هذه السلالة (الحسينية) عن الحسن العسكري ولم يكن له اولاد فسوف تتعرض النظرية الى اهتزاز ومشكلة فحتى نحافظ على نظريتنا يجب ان نفترض وجود ولد له هو الامام من بعده وهو موجود وسوف يظهر في المستقبل وسوف تمتد الحياة به – والله اعلم – ملايين السنين.فهذه النظرية المفترضة مولودة من نظرية الامامة ووجدت انها ايضا نظرية مختلقة من بعض المتكلمين وليس من ائمة اهل البيت الذين كانوا ينفونها جملة وتفصيلا، فآل البيت وعلى رأسهم الامام علي بن ابي طالب والحسن والحسين وبقية الائمة كانوا ينفون مسألة العصمة وانهم سلالة الهية وان امامتهم جزء من الدين، وانما كانوا ينظرون الى انفسهم كقادة سياسيين.
سؤال : ماذا يتبقى من الفكر الشيعي الامامي اذا الغينا منه نظرية الإمامة؟
أحمد الكاتب: يتبقى منه ما هو متبق حاليا واسأل الشيعة انفسهم ماذا تبقى من هذه النظرية الآن بعد اكثر من 1200 سنة! ولماذا لجأنا الى النظام الديموقراطي؟ ببساطة لأنه لا يوجد لدينا نظام امامي سياسي يصنع دولة فكان لابد من اللجوء الى الديموقراطية والتعددية وحتى المراجع الشيعية يدعون الى النظام الديموقراطي الآن. سؤال : المرجع الشيعي علي السيستاني والعشرات غيره، ردوا عليك وأكدوا على ان نظرية الامامة عقيدة شيعية؟
أحمد الكاتب: لم يرد شخصيا لكن مكتبه وحاشيته ناقشوا مسألة وجود الامام الثاني عشر وشكلوا مركزا للدراسات التخصصية عن الامامية لكن الحصيلة والنتيجة رغم احترامي لما قيل ان السيستاني عمليا كان اول الداعين الى اقامة النظام الديموقراطي العراقي وهو الذي فرض هذا النظام ودعا الى انتخابات حرة لمجلس تشريعي ودستور نابع من الشعب العراقي، وهذه ثورة كبيرة عند السيستاني فنظرة الامامة تاريخية وليست معاصرة والسيستاني لا يلتزم بنظرية الامامة في حياته السياسية فعندما حاول الحاكم العسكري السابق بريمر ان يفرض دستورا وحكومة معينة عارضه السيستاني وهدده بإنزال الملايين الى الشارع فخضعت امريكا لرأي السيستاني وسمحوا بإجراء الانتخابات الاولى التي جاءت بالمجلس التأسيسي الاول الذي قنن الدستور واجريت انتخابات اخرى، فالسيستاني هو ابو الديموقراطية في العراق، كما انه لا يؤمن بولاية الفقيه ولا بهيمنة رجال الدين على السلطة وحتى عندما يأتي بعض السياسيين اليه كي يستيعنوا به في مقابل خصومهم فإن السيستاني يرفض التدخل في الصراعات الداخلية بين الاحزاب والقوائم، ويدعوهم الى حل مشاكلهم من خلال القنوات الدستورية.
سؤال : الآن هل انت شيعي ام سني، وبماذا ترد على مراجع الشيعة الذين فسقوك وكفروك؟
أحمد الكاتب : لم اسمع بتكفير احد لي، واما النقاش والرد فهو امر طبيعي ودليل خير وعافية. انا احب اولئك الذين يتهجمون علي لانهم ينطلقون من حبهم للدين واعلم ان الكثير منهم لو درسوا الموضوع بدقة فسوف يغيرون رأيهم بالتأكيد فأمي وأبي رفضا كل ما اقوله في البداية ثم عندما قرأ البحث وتعرفا على أدلتي بالتفصيل اصبحا من الداعمين فأفكاري.اما حكاية سني وشيعي فهي مسميات تاريخية لا وجود لها الآن فالسنة هم شيعة لاهل البيت كما ان الشيعة جزء من اهل السنة ولا اعتقد بوجود فوارق بين الاثنين والتقريب بين المسلمين اصبح ضرورة ويتحقق التقريب بصورة افضل عندما نلتقي على فكر سياسي معاصر وندع النظريات الفكرية العميقة والقديمة والميتة.
سؤال : ماذا تبقى لك من تشيعك الذي كنت تبشر به؟ أحمد الكاتب:حقيقة لم اترك من التشيع لاهل البيت شيئا، وانما تركت نظرية الامامة الالهية والاثني عشرية والايمان بوجود الامام الثاني عشر محمد بن الحسن العسكري، تلك الافكاروالنظريات التي اعتقد بانها دخيلة على مذهب اهل البيت وانها حدثت في وقت متأخر. سؤال : لماذا فضلت الاقامة في لندن ولم تعد الى العراق؟ أحمد الكاتب : لم اذهب الى العراق حتى الآن، وذلك لظروف خاصة. فالوضع الامني في العراق بالنسبة لي لا يسمح، ولكن لا مشكلة عندي في العودة الى العراق.
سؤال: هناك هجوم شديد عليك في المواقع الالكترونية والمنتديات الشيعية: هل تشعر بالتهديد؟
أحمد الكاتب: هذا الهجوم يعبر عن بعض الاشخاص فقط ولكن هناك قطاعات كبيرة من المثقفين العراقيين والعرب يتابعونني ويقرؤون لي ويتفاعلون معي، اما عن التهديد فلم تصلني اي تهديدات على هذا المستوى. |